Wednesday, January 07, 2015

ثلاثية فانتازيا عربية للكاتب إسلام إدريس‎


عثرت على هذه الثلاثية بالصدفة في زيارتي لجناح دار نشر بلاتينوم خلال أيام معرض الشارقة الدولي للكتاب. قبلها كنت أشك في وجود أدب الفانتازيا في العالم العربي، على الأقل الفانتازيا بطريقة الغرب – أو حتى بطريقة ألف ليلة وليلة. 

صدرت الكتب الثلاثة: "أسطورة العودة" و "أسطورة الكاهن" و "أسطورة الرحيل" بقلم الكاتب إسلام إدريس من دار نشر بلاتينوم الكويتية في الأعوام من 2012 إلى 2014. ويبدو لي أن السلسلة موجهة إلى اليافعين، ولا أدري إن كان هذا تصنيف الكاتب ودار النشر أو انطباعي الشخصي فقط. تتلخص قصة الرواية في الصراع الأبدي بين الخير والشر، وعلى طريقة الغرب، بنى إسلام إدريس عالما كاملا تقطنه شعوب متعددة تنتشر حول رقعة جغرافية هائلة. فهناك الممالك والامبراطوريات وتوابعها من مدن وقرى البشر. وهناك الفرسان الجوالة، الشعب السحري الغامض الذي كانت له علاقة تاريخية بالبشر، انتهت منذ عدة أجيال. كما يوجد شعب مشابه للفرسان الجوالة وهم من أسماهم الكاتب "الموريزور". الجوالة والموريزور يحبان الطبيعة ويخدمانها وذلك بتسخير قواهم السحرية التي تينبع من الأرض نفسها. تبدأ القصة بإشاعات عن قرب هجوم "النازيل" على التجمعات البشرية. النازيل شعب قبيح وهمجي كانت له هجمات سابقة على البشر أوشكت أن تمحيهم من الوجود، لولا اتحاد الفرسان الجوالة مع البشر لدحر جيوش النازيل. تتنقل الأحداث من قرية صغيرة إلى مدينة رئيسية إلى بلاط الملوك في عواصم الممالك والامبراطوريات. الكل يسمع بالهجوم الوشيك ويتكهن بمصير البشر في الحرب القادمة بعد أن هجرهم الفرسان الجوالة. وبالإضافة إلى هذه الشعوب، هناك أيضا مخلوقات غريبة تظهر هنا وهناك ولها دور في الحرب القادمة، منها الجياد السحرية، والتنانين، وغيرها من المخلوقات الغامضة. في الجزء الثاني من السلسلة تستمر المعارك بين البشر والنازيل والتي تنتهي دائما بدمار المدن البشرية وذبح أهاليها ومقاتليها. لا شيء يقف في طريق النازيل الذين أرسلهم "الكاهن الأسود" للانتقام من البشر والجوالة الذين وقفوا في وجه زحفه السابق. ويبدو أن للجوالة خطة مختلفة تلتزم بنبؤة قديمة تقول أن هذه الحرب اليائسة لا نصر فيها إلا لقوى الشر، وأن على الجوالة أن يعودوا إلى أرضهم القديمة حيث سيظهر بعدها بطل يقودهم للنصر في المستقبل. ينتهي الكتاب الثالث بعدة معارك، جميعها تنتهي بهزيمة البشر ويبدو أن لا أمل للتصدي لقوى الكاهن الأسود الذي استعان حتى بالعمالقة وبالأقزام وبالخونة بين صفوف البشر والموريزور والجوالة. ورغم عدم ذكر الكاتب لجزء رابع إلا ان ليس لدي شك أن هناك جزء رابع.

فليسمح لي القارئ الكريم أن أقدم لمحة عن قراءاتي قبل أن أبدي رأيي في السلسلة. بدأت قراءة الخيال العلمي والفانتازيا باللغة الانجليزية وأنا في سن المراهقة، أي منذ 35 عام. ورغم هجري للخيال العلمي بعد سن الثلاثين، إلا انني لم أتوقف عن متابعة أبرز الأعمال في أدب الفانتازيا. فبدءا من ثلاثية جيه آر آر توكين "سيد الخواتم" (والكتاب الذي سبقها "الهوبيت") والتي تتلخص في قصة شر قديم يهدد "الأرض الوسطى" بكل شعوبها من بشر إلى "إلفز" إلى "دوارفز" و "الهوبيتس". هذا الشر الذي يستخدم مخلوقات شريرة وقبيحة وبربرية في اجتياح الأرض الوسطى، بحثا عن خاتمه الأوحد الذي سيعينه على استعباد كل الشعوب. ولا أنسى ذكر "نبوءة الهوبيت" الذي سيبرز ويحقق أمل الشعوب في التصدي للشر القديم، وبعدها سيرحل الإلفز إلى أراضيهم القديمة وتنتهي سلطة السحر في الأرض الوسطى. قرأت أيضا روايات الكاتب تيري بروكس في "سلسلة شانارا" والتي تحكي قصة شعوب متعددة تقطن أرض واحدة، وتتحد لمجابهة شر قديم يستيقظ مرة أخرى ليستعبد الشعوب. وعن الشجرة العظيمة (إلكريس) التي تقف كحاجز دفاعي يمنع المخلوقات الشريرة البربرية القبيحة من اجتياح اراضي الشعوب المسالمة. وهناك ايضا سلسلة روايات روبرت جوردان والتي بدأها في منتصف الثمانينات (وأنهاها براندون ساندرسون بعد وفاة جوردان) في 2013، وهي سلسلة "عجلة الزمن". تتلخص القصة في رحلة مجموعة من الشباب والشابات عبر عدة أقطار استعدادا لمواجهة شر قديم يريد أن يعيد أمجاد الماضي على جثث شعوب الحاضر.

كما لا أنسى سلسلة روايات دايفد ادنغز "ذا بيلغارياد" وثلاثية تاد ويليامز "ميموري سورو اند ثورن" وسلسلة كتب تيري غودكايند "سورد اوف تروث"، وسلسلة كتب رايموند فايست وياني وورتز، وكتب مارجريت وايس وتريسي هيكمان، وتاد ويليامز وبراندون ساندرسون، وميلاني رون، وآن مكافري، وختام المسك سلسلة جورج مارتن "لعبة العروش". إن ماذكرته أعلاه تحكيه مالايقل عن 90 كتاب (وهو ما قرأته فقط، وهناك المئات غيرها لم أقرأها ولكن تحمل نفس الثيمات). كلها ملحمات تتحدث عن صراع الخير والشر، وقد يكون البطل شخص واحد أو مجموعة من الشخصيات المميزة. قد يكون البطل شخص عادي جدا ولكن ألقيت على عاتقه مهام عظام، وقد يملك قوى خارقة لم يكن يعلم بها قبل أن تبدأ الأزمات في حياته. تبدأ القصص بشخص وحيد، وتنتهي بمعارك تخوضها جيوش جرارة تحدد بها مصائر الأمم. نعم، جميعها متشابهة، ولامفر من أن يتأثر كاتب ببعض جوانب رواية كاتب أقدم منه، فيقتبس منها قليلا، سواء كانت بوعي منه أو من غير وعي. ورغم تشابه القصص إلا انها أيضا مختلفة عن بعضها، لأن الشخصيات تختلف في تصرفاتها وقراراتها، وكل عالم له مواصفات خاصة به لا تتكرر في القصص الأخرى، وهناك تركيز على جوانب محددة لا تتواجد في عوالم أخرى. أي أن لكل كاتب بصمة خاصة به تميز قصته عن باقي الكتب المشابهة في الحبكة العامة.

كتابة الفانتازيا عملية سهلة... وصعبة. سهلة لأن الكاتب يستطيع أن يبني عالم جديد وغريب، ولا يملك أحد الاعتراض على تفاصيله وأحداثه لأن لا يوجد صواب أو خطأ يقاس به. وصعبة لأن بناء العوالم فن وعلم، ولا يمكن أن يتصور صعوبته إلا من خاض هذه التجربة. لذلك أحيي الكاتب إسلام إدريس على جرأته في بناء عالم جديد، تقطنه مخلوقات متنوعة وثقافات مختلفة ومثيرة. ولأنني ذكرت عدد الروايات التي قرأتها من هذا النوع، لا أملك سوى أن أقارن أسطورة العودة بتلك الروايات، وهذه مقارنة ظالمة، لأن أدب الفانتازيا مازال في مهده في العالم العربي، وعلينا أن نصبر قليلا قبل أن ينضج (تماما كأدب الخيال العلمي).

لو أتينا إلى الغرض من القصة أو الرسالة الكامنة وراء الأحداث فهي تتلخص في صراع الخير والشر، وفي البطولات التي يظهرها من يختارون أن لا يتهربوا من مسؤولياتهم، ويتصدون للشر مضحين بحياتهم من أجل من يحبون. القارئ الذي لم يعهد الفانتازيا "الغربية" ولايعرف منها سوى ما رآه في فيلم "سيد الخواتم" ستسحره هذه العوالم والأحداث، وخاصة أن الكاتب يصف الملابس والأسلحة والمعارك بدقة شديدة، وكأننا نراها على شاشة سينما. ووجود سلسلة لم تنته بعد هو محفز كبير على متابعة ما سيحدث في الجزء التالي وهو ما يشدّ اليافع للقراءة – وهذا أمر مطلوب. لاتوجد شخصية واحدة في السلسلة نستطيع تعليق آمالنا عليها، بل هناك شخصيات عدة، من جميع الشعوب، ورغم تعاطفنا معها وتشجيعنا لها، إلا ان الاحداث وتناثرها في كل بقعة يجعل الشخصيات ثنائية الأبعاد فقط (أو ما يسمونها بالانجليزية نمطية وكاريكاتورية). ولا أرى في ذلك عيبا في هذه المرحلة من أدب الفانتازيا في العالم العربي، وخاصة في أدب اليافعين.

عالج الكاتب الأحداث بتسلسل واضح، وإن لمست في بعض الأحيان خللا زمنيا غير ثابت. ربما أكبر ملاحظتين على السلسلة تكمن في "حشر" الكاتب في قصته لكل شعب غريب قرأ أو سمع عنه ، حتى الحوريات لها وجود في هذه السلسلة، ولم يتردد حتى عندما أضاف الرابط الذي يربط بين الموريزور وجيادهم السحرية عندما تلتقي جديلة شعر الموريزور بشعر الجواد – في تقليد واضح لقصة فيلم "أفاتار". لابأس أن نستقي قصصنا من عوالم أخرى، ولكن أن نحشرها جميعها في قصة واحدة فهذا أمر لا أحبذه شخصيا. كما ليس من المقبول أن نستخدم في رواياتنا أسماء اشتهرت في روايات أجنبية في نفس النوع من الأدب (مثل آروين وهالدير وفالوين وغلادريل وغيرها من سلسلة سيد الخواتم – هذه سرقة أدبية سافرة). أما الحوار فهو بحاجة إلى الكثير من التنقيح، فرغم ان الأحداث مثيرة وسريعة إلا ان الحوار طويل ومبالغ فيه، لدرجة ان بعضها يمكن أن نسميها خطب عصماء لا حوار طبيعي بين شخصيات قصة. وتتكرر "ما هذا الهراء بحق الآلهة؟!" بطريقة مملة. ناهيك عن الكثير من التكرار في المشاهد، وإضاعة لصفحات ثمينة في حوار سطحي لا يخدم الحبكة بأي شكل.

ومع ذلك كله، تبقى هذه السلسلة رائدة في أدب الفانتازيا في العالم العربي، وأتطلع لما سيكتبه غيره من الكتّاب بعد أن يتأثروا بما قرأوه في سلسلة "أسطورة الفارس" للكاتب إسلام إدريس.

3 comments:

Stirling Newberry said...

A Universe in Arabic, how interesting. is not something which I would have thought possible.

Stirling Newberry said...

university in Arabic, how interesting. I would not have thought it if I had not known. what kind of comments to you get?

Unknown said...

It's not difficult to create the universe in itself. It is not "Arab", just in Arabic. If it were Arab, it would have received a different review from me. Instead it is almost like a translation of an English fantasy. Not that it is a bad thing, as my scifi novels also lack that "Arab"-ness, but are written in Arabic. Do you read Arabic or did you get this review google translated? Because, I already have an English version of it, here: http://arablit.org/2015/01/16/building-a-fantasy-series-in-arabic/

Followers