Sunday, June 15, 2014

أجوان بنت الماندان - بقلم أ. محمد قرط الجزمي

شرفني الأستاذ محمد قرط لجزمي، كاتب الخيال العلمي بقراءة رواية أجوان، وكتب عنها في هذا الرابط:


وهنا إجابتي على بعض تساؤلاته في مقاله. وأتمنى أن لا تفسد الإجابة متعة القراءة للبعض.


الشكر الجزيل لك أستاذ محمد. أولا على التقييم وثانيا على المقالة في صحيفة خصب. تشرفت بها حقيقة.

أعجبني تسميتك لها "أجوان بنت الماندان" .. رائعة! كثيرا ما ترددت إن كانت هناك حاجة أن أسميها فلانة بنت فلان.. وكنت أؤجل القرار في ذلك.
بالفعل الرواية خيال علمي سهل (سوفت كما يقول الانجليز). تهمني العلاقات والصراعات فوق التقنيات المتطورة. وفي قراءاتي (سابقا) كنت أقرأ السهل وأتجنب الصعب.


الفلاش باك كان أسلوب اضطررت لاستخدامه لأنني ادركت أن اليافع بحاجة إلى بداية قوية تشده لإكمال القراءة. فقررت أن أبدأ بكارثة هائلة، ثم

أعود للماضي لأكمل تركيب قطع الصورة المفككة.

تعودت في روايات الخيال العلمي والفانتازيا التي أقرأها أن أجد نقاط غامضة لم يوضحها الكاتب، ويتركها لخيال القارئ. تلك الأسئلة التي لا يجيب عليها الكاتب، هي الأفكار التي تتحول إلى قصص جديدة في ذهن القارئ عندما يتحول إلى كاتب. أو هذا ما حدث معي.


إذا سمحت لي أجيب على بعض أسئلتك وهي إجابات عامة وأتمنى أن لا تفسد المتعة على من لم يقرأوا الرواية بعد. (تحذير: كل شيء تحت هذه الجملة غير مناسب لمن لم ينهي رواية أجوان.)


----


لم أذكر كوكب الأرض وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. لا أريد أي رابط بين الأرض أو العرب أو الأديان وبين أحداث هذه القصة. حتى بطلة القصة ليست من البشر، فهي تتنفس الماء والهواء. بنيت عالمي على عالم أسسته مؤلفتي المحبوبة آن مكافري. حيث توسع استيطان البشر للكواكب الأخرى حتى نسي البشر أصلهم (الأرض). في استيطانهم للكواكب الأخرى احتك البشر بمخلوقات أخرى، ومع الوقت انضموا لاتحاد الكواكب الفضائي. 


صحيح أن للمخلوقات مشاعر وأغراض مثل البشر، ولكن إن كانت الأسماء الغريبة تشوش القارئ، فإن تقديم مشاعر جديدة (لم تخطر لبشر) سيكون مشوشا أكثر. ولا أدري من أين لنا أن نأتي بمشاعر غير بشرية، فكل ما يمكن أن نفكر فيه هو أصلا بشري. 


لكل من يكتب في الفانتازيا والخيال العلمي تأتي نقطة يحتاج فيها إما أن يتغاضى تماما عن مسألة "لغة التفاهم" أو يتطرق لها بجملة سريعة – لأن القصة تفوق في أهميتها إشكالية اللغات (فنحن كقراء قد أوقفنا تفكيرنا المنطقي عندما دخلنا عالم جديد، به سفن فضائية تسافر بسرعات ضوئية دون أن يؤثر ذلك على عمر الركاب أو عمر باقي سكان الكواكب، والسفن بها جاذبية عادية إلخ). ومع ذلك فإشكالية اللغة تحتاج لحل حقيقي، وهو ما يجب أن يحتال به المؤلف. شخصيا، ذكرت هذا الموضوع في المشهد الذي يتطرق "لرطانة" الموانئ والمحطات. فهي اللغة المشتركة بين المسافرين في الفضاء، والعاملين في الموانئ والمحطات وحتى القطاع العسكري والتجاري. وأقصد بالرطانة: مجموعة من العبارات والكلمات والمصطلحات من عدة لغات تخدم أغراض المتعاملين بها.


صحيح أن الرواية لم تتطرق لتفاصيل بيئة المدن الغارقة، وهي أيضا إشكالية آثرت أن لا أخوض فيها لأن ليس لها أهمية في حبكة القصة، ولكن الفكرة الأصلية كانت أن شعب أجوان لم يعد يتذكر كيف بدأت حضارتهم. وهناك "نظريات" بأنهم تعرضوا لهندسة جينات ليستطيعوا العيش في بيئة الماء. ولكن المدن الغارقة مجرد فقاعات هواء هائلة يعيش الهافيكي فيها تماما كما نعيش نحن، ولكن لا يخرجون للسباحة في تلك الأعماق لأن ضغط الماء لا يرحم. وعندما يرغبون في التمتع بالماء يخرجون للجزر الصغيرة ويقضون الوقت في المياه الساحلية الضحلة. ولذلك أجوان تشعر بالبرودة والحرارة (خاصة أن كوكبها دافئ عامة) وتخاف الظلام مثلنا لأن مدينتها مضاءة مثل مدننا.


وعندما خافت روهاني على أجوان من خطورة المرض بسبب الأمطار، فهذا يعكس جهلها بطبيعة جسد أجوان والهافيكي. هي تنظر لها من منظور بشري، وتتوقع أن تمرض مثلما ستمرض روهاني في الوضع نفسه. وهو ما نفعله يوميا في حياتنا عندما ننظر لثقافات أخرى ونستغرب عاداتهم الغريبة علينا ونحكم عليهم أحكام ضيقة الأفق. بينما أجوان تشعر بالحياة وبالأمان عندما تغطيها المياه.


هذه التفاصيل المتواضعة مني هي من باب إضافة بُعد آخر لقراءتك أستاذي الكريم، ولا أقصد بها أنها التفسير الوحيد، ففي بعض الأحيان تفسيرات القارئ تكون أكثر إثارة وجمالا من تفسير المؤلف نفسه. فعلى سبيل المثال، السلطانة ماريونيتا. كتبتها وفي ذهني أنها ستؤثر على القارئ بطريقة محددة.. وفوجئت (بل صعقت) عندما ذكر لي بعض القراء رد فعلهم المعاكس نحوها. عندها أدركت أن الرواية عندما تخرج من يد المؤلف تأخذ حياة مستقلة وتصبح ملك القارئ فقط. وهذا هو عالم الأدب.


أشكرك كثيرا على ملاحظاتك واهتمامك بالتفاصيل. وأود أن أقتني نسخا من كتبتك. فأين أجدها؟


مع تحياتي وتقديري 

No comments:

Followers