Friday, April 25, 2014

تحديات الكتابة لمن لم يجربها من قبل


عندما بدأت رحلة تأليف روايتي الأولى أجوان كانت مخاوفي تدور حول صعوبة العثور على أفكار جديدة. اعتقدت أنني سأقع في فخ نسخ قصص قرأتها، دون أن أعي ما أفعل.  ما لم أتوقعه في هذه الرحلة التي استغرقت تسعة أشهر، هو أن أواجه نوع جديد من التحدي الداخلي الذي لا يستطيع أن يساعدني في قهره أي طرف خارجي. 

أول التحديات كان الوقت، فنحن نعيش في عصر أجهزة وآلات اخترعها البشر لتسهيل مهامهم اليومية وتوفير الوقت، ومع ذلك نجد أن 24 ساعة في اليوم ما عادت كافية لإنجاز أعمالنا. ولكنني تأملت يومي فوجدت ساعات طويلة أهدرها في.. لا شيء مفيد. فبين الوقت الذي نهدره أثناء الجلوس في غرفة الانتظار في العيادة، أو التنقل من قناة إلى قناة بحثا عن برنامج ممتع يضيع وقتنا في متابعته، أو حتى في مراقبتنا للتغريدات التي تتراكم في تويتر. إنها ساعات ثمينة تمضي ولا سبيل لاسترجاعها، ولكننا أدمنّا هدرها ولا نستطيع أن نتوقف. 

* إذن نصيحتي لمن يقدم على الكتابة أن ينظم وقته جيدا ويتخلص من العادات السيئة التي تهدر وقته.

ثاني تحدي كان في أسطورة "الإلهام"، فالكل مفتون بفكرة الإلهام، ذاك الشيء الغامض الذي يأتي من السماء أو من عالم متواز لا نملك السيطرة عليه. صحيح أن الأفكار قد تأتي هكذا وأنا في اجتماع، أو تحت الدش، أو أثناء قيادتي للسيارة، ولكنها أفكار وليست عملية الكتابة ذاتها. اكتشفت مع الوقت أن الكتابة تولّد كتابة، والكلمة والعبارة تجر معها كلمات وعبارات. وهذا لا يحدث إلا بعد أن أخصص وقت في يومي للكتابة، حيث أجلس أمام اللابتوب وأبدأ في ضرب مفاتيحه لأصيغ العبارات والجمل. وفجأة تبدأ الشخصيات بالتفوه بكلمات لم تخطر لذهني ولكن أصابع يدي كتبتها. والأحداث تتطور بسرعة مجنونة تعجز اصابعي عن مجاراتها. كاتب أمريكي اسمه "راي برادبري" قال أن الإلهام لا يأتيك دون دعوة. يجب أن تجلس في المكان والوقت المناسبان ثم تبعث للإلهام دعوة وستجده يلبيها فورا.

* الكتابة ممارسة يومية تتحول إلى عادة وتجد أنك تنجز صفحات وصفحات بأقل قدر من الجهد

الكاتب بطبيعة الحال هو في الوقت ذاته قارئ. كثيرا ما أعود للنص الذي كتبته في اليوم السابق وأقرأه بنظرة ناقد أو مصحح مما يرغمني على التغيير والتعديل والتصحيح والبحث عن الكلمة الأمثل وبعد انقضاء نصف ساعة ثمينة أكتشف أن لم يعد لدي وقت " للكتابة. الكاتب إنسان مبدع وعليه أن يسمح لإبداعه أن يقوده دون قيود أو حدود. يقول الكاتب "جيم ديني" : اخرس صوت الناقد في داخلك.

* عندما أضع قبعة الكتابة لا أستطيع أن أضع معها قبعة النقد والتنقيح. لكل مرحلة قبعة. أولا عليّ أن أكتب القصة كاملة دون انقطاع. وبعد أن أنتهي منها تماما، أضع قبعة التنقيح وأبدأ مرحلة جديدة.

ثم هناك مرحلة التنقيح الصعبة. في كتابتي لرواية أجوان كل شيء كان جديد بالنسبة لي ولذلك أستطيع أن اقول انني ارتكبت كل الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها كاتب مبتديء. ما فهمته عن صناعة النشر في العالم العربي أن دور النشر تقوم بالتصحيح اللغوي للمسودة، ولكن يندر وجود  التحرير الأدبي والذي يتميز به الأدب باللغة الإنجليزية. فالمحرر في الروايات الانجليزية يتعاون مع الكاتب ليكشف له عن الثغرات في حبكته أو في تطور شخصيات القصة وغيرها من العناصرالمهمة في الرواية. ولكن الأمر ذاته غير موجود في العالم العربي. ثم إن المحرر يعاون الكاتب على إخراج نص غير مترهل. والنتيجة أن رواية أجوان نشرت وبها 92 ألف كلمة. وبعدها بعامين قمت بتنقيحها بنفسي فحذفت منها 9200 كلمة غير ضرورية دون أن تتغير أحداث الرواية.

* مرحلة التنقيح تحتاج إلى نظرة ناقدة وقلب جامد.

الأهم من هذا كله: ان الكتابة وظيفة، إن لم يتعامل معها الكاتب على هذا الأساس، فلن ينجز أي عمل أدبي.

2 comments:

Unknown said...

مساحة لعرض مسيرة عمل على رواية من الجمال بمكان بحيث أنها تأسرك و تزرع فيك الأمل و التوق نحو قراءات ممتعة. مساحة بوح بكل صراحة مستشفة من البعد عن التكلف و التصنع

Unknown said...

شكرا جزيلا... كتّاب الخيال العلمي العربي يدعمون الخيال بطريقه رائعه وممتعه..
نصائحك مفيده جدا لي ككاتبه ومؤلفه قصص خياليه منذ سنين.. ولكني مازلت اقف على اعتاب ابواب النشر...

^^ ❤فشكرا جزيلا مره اخرى

Followers